الحمد لله , والصلاة والسّلام على رسول الله , وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه , وبعد :
فإنّ مما قد انتشر في (عالم الإنترنت) طرقا من الزور والتلبيس , وطرائق من الكذب والتدليس , وأعني بذلك من عمد إلى (البرامج الإلكترونية) و(مواقع البحث) واستغلها في إنشاء بحوث بـ (سرعة فائقة) , ثم إنه يصُفّها بعد (قص ولصق) ليخرج بذلك بحثٌ , يعجز عن الإتيان به بهذا الجمع وهذه السرعة كثير من الباحثين والمتخصصين , فكان لزاما التنبيه على سوء هذه الأفعال , التي يريد كثير من أصحابها الظهور بغير مظهرهم , وارتداء ثياب غيرهم , فجاءت هذه القصيدة القصيرة تعبيرا عن حال أولئك (الشيوخ !) , ولست أعني في قصيدتي عدم الاستفادة من جهاز الحاسوب , ونبذه وطرحه , كلا : بل أنا ممن يستعين به ويستفيد منه , ولكني أعني أهل الزور والتلبيس , ولا يحتاج الأمر إلى شرح , فالحال معلوم , وإليكم هذه القصيدة :
قفا نبك من طلاب علم تتلمذوا *** على الشيخ حاسوب فضاعوا وضيّعوا
وظنوا بأن الشيخ علمٌ مؤصّلٌ *** وذا الشيخ مسكين جهاز مُصَنّعُ
فمنه البحوث العاليات رصينةٌ ***عجائبُ , والتخريج فيها موسّعُ
ومنه ترى نسخَ الكلام ولصقَه *** غرائبُ منها الأرض كادت تصدّعُ
وقد كنتُ حينا أحسن الظن فيهم *** وأرقُبُ منهم أن يكفوا ويرجعوا
ولكن رأيت الأمر أضحى سلالما *** بها يصعد الجهال , شيءٌ مروّعُ
فأقبح تدليس بأقبح صورة *** فيا كاذبا : قل لي لماذا التصنّعُ
وبعضهمُ من زوره صار مرجعا *** لإخوانه , تالله هذا ليلمعُ
أردتُم عبارات المديح , وإنها *** عبارات قصم الظهر قصما يُقَطّعُ
وقد قيل فيكم ما إذا قيل عُشْرُهُ *** لشيخ إمام كان – والله – يفزَعُ
فمن مبلغٌ عنّي أولاءِ نصيحتي *** ألاَ فاتركوا التدليس حالا وودّعوا