أ- قسم أعرض عن كتاب الله وهؤلاء خُصماء رسول الله e يوم القيامة {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} (30) الفرقان ، وليس الحديث معهم في هذه الرسالة .
ب- قسم يتلو كتاب الله تعالى ؛ لكنه لم يستشعر عظمته ، ولم يُدرك حقيقته ، ولم يقف على سلطانه ، ولم يَدْرِ أين إعجازه ، ومن أجله كانت هذه الرسالة .
ت- قسم يُراجع كتب التفسير ، وله همة في فهم كتاب الله ، لكنه يشعر بأنه ما زال بعيداً عن التدبر الحق لهذا الكتاب العظيم ، وهذا كتبت له رسالة " المرَاحِـلُ الثـَّمَان لطَالِب فَهْم القُرْآن ".
وقد
كنتُ وأنا أُقلبُ الفكر في هذا الأمر ؛ أعجب ــ كما عجب أسلافنا ــ من
مقولٍ بليــغ لعربي جاهــلي صنديدٍ عنيـــد وهو يصف الـقرآن المجيـــد ،
يقول : " والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من
كلام الجن ، وإن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن
أسفله لمغدق ، وإنه يعلو ولا يُعلى عليه" .
فلمــــا قــرأتُ قــولَ بليـــغٍ أعجمي ! فرنسي !! فيلسوفٍ !!! ملحد !!!! وهو جوزيف آرنست رنان زال ــ والله ــ عجبي منهم ، وبقي عجبي منَّا ، واسمع لما يقول :
" تضم مكتبتي آلاف الكتب السياسية والاجتماعية والأدبية وغيرها والتي لم اقرأها أكثر من[size=21]مرة واحدة ، وما أكثر الكتب التي للزينة فقط ، ولكن هناك كتاب واحد تؤنسني قراءته دائما هو كتاب المسلمين القرآن
، فكلما أحسست بالإجهاد وأردت أن تنفتح لي أبواب المعاني والكمالات ،
طالعت القرآن حيث أنني لا أحس بالتعب أو الملل بمطالعته بكثرة ، لو أراد
أحد أن يعتقد بكتاب نزل من السماء فإن ذلك الكتاب هو القرآن لا غير ، إذ أن
الكتب الأخرى ليست لها خصائص القرآن" .
أليست هي بنفسها مقولة الوليد بن المغيرة ؟
فما الذي جعل الوليد وجوزيف ! يتفقان على أن القرآن (يعلو ولا يُعلى عليه) ؟
إنه قول الله Y{وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (4) الزخرف .
من رسالة فن التدبر للشيخ عصام العويد