meme مراقبة قسم
الــــدولــــة : الــجــنــس : الــمـهــنــة : الــهــوايــة : الــمــزاج : عدد المساهمات : 336 M M S : S M S : الاوسمة :
الاضافات مشاركة/share: قيم-الموضوع/Rate-Thread:
| موضوع: طائر بلا جناح (رواية) الجمعة 26 أغسطس 2011, 20:45 | |
| (نداء الحب)
رغم ان (احمد زيدان) كان دائما محور الحديث بين العديد من طلبة الجامعة , ومحط انظارهم , وربما كان ذلك بسبب شهرة والده كرجل اعمال رشح يوما لمنصب وزير الصناعة , او ربما بسبب شخصيته القوية والتى تبرز ملامحها بوضوح فى تعامله مع المواقف المختلفة , او ربما بسبب انجذاب (هيام) تلك الفتاة الباهرة الحسن اليه , والتصاقها الدائم به , والذى كان يثير غيرة وحسد الكثيرين منهم , او لتلك العوامل مجتمعة , الا ان احاديثهم عنه فى الاونة الاخيرة قد اختلفت تماما , فقد اصبح مشهدا مألوفا ان تراه جالسا عند تلك الشجرة الضخمة يتحدث لفترات طويلة مع تلك الفتاة التى يعلم الجميع عنها انها لا تتحدث مع احد على الاطلاق , وكان ذلك يثير دهشتهم وتساؤلهم عن طبيعة تلك العلاقة التى تجمع بينهما , لكن ما يحدث لم يكن يثير دهشتهم وحدهم , فقد كان يثير دهشة (احمد) نفسه , لم يكن يعلم ما يحدث له , فالبنسبة اليه كان الأمر مجرد رهان فى بدايته , لكنه اختلف عندما رآها , كان يشعر كلما جلس ليتحدث اليها بنداء غامض فى عينيها , وكأنها تخبره انها تحتاج اليه , والى الشعور بالأمان بجواره , كانت قد حكت له كل ما يتعلق بحياتها منذ ان تولى آباها رعايتها بعد وفاة والدتها , وكيف انه لم يتزوج بعدها , حتى انها كانت تلح عليه فى بعض الاحيان كى يتزوج , لكنه كان دائما ما ينظر اليها قائلا فى حزن :"ومن اين لى ان اجد من تملك تلك الروح الملائكية التى كانت تملكها أمك" , ثم يبتسم فى حنان وهو يقبلها قائلا :"ثم اننى لو كنت قد فقدت والدتك , فقد عوضنى الله بك من رحمته بى" , فتصمت رغم عنها ولا تحر جوابا , لكنها فى داخلها كانت تصر على ان توليه المزيد من رعايتها له , كانت تحكى له عن حياتها وهى ايضا تملؤها الدهشة , فلماذا هو بالذات؟!..كيف انها فى لحظات قد شعرت معه بذلك الأمان الذى تبحث عنه طوال عمرها , كانت كلما نظرت الى عيناه رأت فيهما ذلك المزيج المدهش من الحنان والحب والدفء الذى يشعرها انها أميرة تنتظر منذ زمن طويل ذلك الفارس الذى يهبها قلبه فقط ليرى فى عيناها نظرة سعادة وحب , اصبحا لايشعران بمرور الوقت كلما تحدثا حتى لو كان هذا الحديث بدون كلمات , فقط ذلك الحديث بين عينان يتهامسان بأرق المشاعر والأحاسيس التى تنبض بها القلوب , سألها ذات يوم عن انطوائها وتفضيلها الجلوس مع الكتب عن الجلوس مع البشر , وما اذا كان هناك سر وراء هذا اما لا ؟! , فشردت ببصرها للحظات ثم التفت اليه قائلة :"لأنى وجدت فى الكتب ما لم اجده فى البشر , وجدت الصدق الذى بحثت عنه فى نفوس كل من قابلتهم من البشر ولم اجده , وجدت الوفاء الذى يعتبره البشر فى عالمنا شىء عديم القيمة , فاذا قابلوا يوما شخصا وفيا لغيره اتهموه بالبلاهة وعدم التكيف مع العالم من حوله , تراهم يكذبون طوال الوقت حتى على انفسهم , ورغم ذلك فأنهم فى بعض الاحيان يلتمسون العذر لأنفسهم , وكأن الكذب قد تغلب فى اعماقهم على الصدق , واصبح بالنسبة لهم طوق النجاة , اجد فى الكتب ايضا تلك الروح البريئة والتى لم تلوثها الذنوب بعد , تلك الروح التى خلقها الله على الفطرة النقية بلا شوائب من شرور وآثام , اجد فيها ذلك الحب المفقود فى عالمنا , والذى يمكنك ان تقرأه فى قصيدة لشاعر خلاق , يأخذك بكلماته الى عالم آخر , و... قاطعها(احمد) فى لهفة متسائلاً :"هل يمكنك ان تصفى لى ذلك الشعور؟ , ذلك الذى يجعل القلب ينبض ويحيا بحب انسان آخر". احمرت وجنتاها خجلاً , مما زاد من بهاء وجهها وهى تنظر لعيناه وتهمس فى رقة :"الحب يا(احمد) لا تستطيع الكلمات مهما كانت معبرة ان تصف لك ذلك الاحساس , انه تلك الدفقة النوارنية التى خلق الله القلوب من اجلها , ذلك الاحساس الذى يجعل الام تنتفض من نومها لتحتضن صغيرها لشعورها بأحتياجه اليها , ذلك الاحساس الذى يجعل المحب يهب روحه لمن يحب دون انتظار مقابل , يكفيه ان يرى السعادة فى عيون من يحب , انه ذلك الاحساس الذى يشعرك بالأمان وانت بجوار من تحب , لأنك تعرف انه دائما سيكون بجوارك ليزود عنك ويحميك بروحه , انك عندما تحب تشعر انك قد عدت انسانا , فالحب يأخذك الى عالم من الطهر والبراءة تصفو فيه روحك من شوائبها , وتسمو بك حتى تشعر وكأنك تلمس السماء بيديك , حتى قلبك تشعر بأن نبضاته تستمد حياتها من نبضات قلب من تحب... صمتت قليلا وهى تنظر اليه , وترى فى عينيه نظرة لم ترها من قبل , تلك النظرة التى جعلت قلبها يخفق بشدة لرؤيتها فى عينيه , كانت نظرة حب والتى لو رآها احد ممن يعرفه , لأصابتهم الدهشة لما يعرفونه عن تلك الشخصية التى اشتهرت بينهم بأنها لا تملك قلب ينبض , وفى اليوم التالى لذلك الحديث , وجدته امامها , بابتسامة تتألق على شفتيه , حاملا فى يديه زهرة حمراء , تبدو وكأنها قد تفتحت على التو , وقال وهو يقدمها اليها :"هل تعرفين شىء عن لغة الزهور ياعزيزتى؟". اجابته بابتسامة خجلى :"ماذا عنها؟". اتسعت ابتسامته وهو يقول لها فى حب :"يقولون مثلا ان الزهرة الزرقاء تدل على الندرة , اما البيضاء فتدل على الطيبة , والصفراء على الغيرة... ثم صمت قليلا , مما جعلها تسأله بصوت عذب :"وماذا عن الحمراء؟". اجابها وهو يلتقط راحتيها بين يديه هامسا فى حب :"انها دليل الحب ياحبيبتى" وشعر وهو يصارحها بحبه لها , انه قد استجاب اخيرا لذلك النداء الغامض المنبعث من عينيها...نداء الحب. | |
|