بنت الزين عضو ذهبي
الــــدولــــة : الــجــنــس : الــمـهــنــة : الــهــوايــة : الــمــزاج : عدد المساهمات : 237 M M S : S M S : الاوسمة :
الاضافات مشاركة/share: قيم-الموضوع/Rate-Thread:
| موضوع: عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه الإثنين 05 سبتمبر 2011, 02:30 | |
| الفصل الأول نبذة عن العصر الأموي بعد أن أظهر الله هذا الدين وتنفست الدنيا الصعداء على يد سيد المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، تكونت أول نواة لدولة الإسلام في طيبة المدينة المنورة ثم جاء وعد الله وفتحت مكة وأزهق الله المشركين بكفرهم وتحطمت الأصنام حول الكعبة المشرفة ، بدأ عصر جديد عصر الدولة الإسلامية فانتشر هذا الدين شرقا و غربا ثم جاء عصر الخلافة الراشدة الذي أرسى دعائم الدولة وسير المجتمع الإسلامي على أروع صورة ذكرها التاريخ ثم رست سفينة هذا العصر ليبدأ عصر هو عصر الدولة الأموية والت منها خرج هذا الرجل الفذ ، عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.
(( لم يكن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ( 61 - 101هـ / 681 - 720 م ) رجلا مغمورا في أسرته بني أمية ، وإنما كان علما مشهورا بالصلاح والاستقامة ، والمرونة الفصاحة ، فهو قرشي أصيل ينتمي إلى بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي الجد الخامـس للـرسـول صلى الله عليه وسلم، وزعيم قريش الذي أسس مجدها وكان أمية يعادل في الشرف و الرفعة عمه هاشم بن عبد مناف ، وكانا يتنافسان رئاسة قريش في الجاهلية )) (1).
وهنا نتصفح أوراق التاريخ لنسقط الضوء على أهم الأحداث التي جرت في عصر الخلافة الأموية والأوضاع التي آلة إليها دولة الإسلام من تمزق وشقاق وانتشار لظلم وفساد يحتاج لمن يقف أمامه وقفة المخلص الحازم ليوقف هذا التيار المدمر الناخر في جسد الأمة. (( لكن نمط الحكم الأموي يختلف جذريا عن سيرة الخلفاء الراشدين في أمر أساسي ألا وهو جعل الحكم ملكا وراثيا ، بعد أن كان شورياً ، فصار الخليفة يوصي بالخلافة لمن شاء بعده على أن يبايعه المسلمون ، ويوافقوا على تعيينه موافقة صورية فقط ، بعد أن كانت البيعة و الاختيار هي طابع تعيين الخليفة ، على أساس الشورى و التعرف على آراء الناس ، مما حرم الأمة فرصة حرية التغيير و التبديل ، كما حرمها إمكان الإصلاح في ميادين الثروة الاقتصادية ، فانتشرت المظالم التي أدت إلى كراهية الحكم الأموي ، وإلى ظهور الثورات و الانتفاضات ضد الخلفاء الأمويين ، وكان الفقهاء في المدينة وغيرها في طليعة المعارضين أشد المعارضة للأمويين ، ووجهوا لهم سهام النقد الشديد ، بل لم يبايعوهم أحيانا ، لجعلهم الأمر ملكا ، ولإهمالهم التمسك بسنة السلف )) (2).
ولا شك أن ذلك سيكون له مردود سيئ للأمة ولبني أمية الذين حملوا أمانة و مسئولية حكم الرعية و السير بها إلى بر السلامة و الأمان بدلاً من السير بالأمة إلى فوهة عميقة لا يجد داخلها لا الأمان ولا الاطمئنان.
وأصبحت البلاد مرتعاً للفساد ، ومباءة للانقسام و التمزق و التفرق ، في عهد يزيد بن معاوية ( 60 - 64 هـ ) في فاجعة كربلاء ، وقتل الحسين و أقاربه إلا نفراً قليلاً رضي الله عنهم، وفي وقعة الحرة سنة 63 هـ بالمدينة التي ذهب ضحيتها الآلاف من أبناء الصحابة وزعماء المدينة ، مما أدى لظهور الشيعة بالكوفة ، فجمعوا السلاح ، ودعوا الناس للأخذ بثأر الحسين ، فصارت العراق مسرحاً للثورات و الفتن بين الخوارج والشيعة(3).
وحدث انقسام في الخلافة ، فبايعت الحجاز ثم العراق عبد الله بن الزبير، حتى قتل سنة 73 هـ ، وشاعت ظاهرة البذخ و الترف و الفساد و مجالس اللهو و الغناء في بلاط بعض الحكام ، و انغمس الناس في حياة الرفاهية و الإنفاق ، وأصبح الميل للمال في عهد الأمويين و بين جماعتهم هو التقليد السائد ، وجمع الولاة المال من الناس بالحق و بالباطل .
وكانت البلاد قبيل توليه عبد الملك بن مروان رضي الله عنه ( 65 - 86 هـ ) تغلي كالمراجل بالفوضى و الاضطراب ، ففي الحجاز عبد الله بن الزبير رضي الله عنه وقد بايعه أهلها ، وفي العراق ثورة الخوارج والشيعة ، وفي الشام عمرو بن سعيد بن العاص يطالب بالخلافة ، والبلاد الإسلامية مهددة من الشمال بخطر البيزنطيين ، ومن المغرب بثورة البربر، فقضى عبد الملك على الفتن و أسكتها ، وقمع ثورة الخوارج ، فلما ولي الوليد رضي الله عنه الخلافة وجد البلاد هادئة مطمئنة . وتوسعت البلاد كثيرا في عهد الوليد بفتح الأندلس سنة 92 هـ بقيادة موسى بن نصير و مولاه طارق بن زياد، وأنتشر الإسلام في بلاد المغرب .
وحاول سليمان رضي الله عنه فتح القسطنطينية ، لولا إحراق الروم سفن المسلمين و فشل الحملة البحرية ، وأصبحت حدود الدولة الإسلامية من نهر السند و الصين شرقا إلى المحيط الأطلسي وجبال البرينية غربا ، ومن البحر العربي و الصحراء الأفريقية الكبرى جنوباً إلى جبال طوروس شمالا (4) .
ورغم هذه الأحداث الأليمة منها والسعيدة التي مرة بها الأمة إلا أن العصر الأموي يعد بحق من العصور الزاهرة ذات الفضل الجزيل على الأمة ويظهر ذلك جليا في خلافة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه الذي غير مجرى التاريخ بما هباه الله من خصائص و مميزات تؤهله لهذه المهمة السامية فأعاد الأمة من جديد إلى حظيرة الإسلام.
مغير مجرى التاريخ إن في أعماق التاريخ أمثلة نادرة ذات أثر بالغ في الحياة ، لا يطويها الزمان ، ولا ينساها إنسان ، وإن تخليد سيرة الرجالات العظام المشتملة على المقدرة و التفوق، والخبرة و الكفاءة المتميزة ، والنزاهة و الاستقامة ، والتأثير في جوانب الحياة المتعددة واجب كل مخلص منصف غيور.
ومن أروع هذه الأمثلة سيرة أبي حفص عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه الذي أجمعت القلوب على محبته ، والنفوس على صفائه و عدله و استقامته ، وصلاحه و إصلاحه أمور الناس ، وسطر له التاريخ الإسلامي بأحرف من نور سيرة تفوح بالأريج المعطار في كل نواحي الحياة الخاصة و العامة ، فكان بحق كما أجمع المؤرخون خامس الخلفاء الراشدين ، و إمام الصالحين العادلين . . .
ذاعت أخباره ! وخلدت غرة التاريخ اسمه، وأترعت الكتب بحكاياته العجيبة ، وقصصه النادرة ؛ لأنه حول مجرى الحياة و التاريخ ، وأحدث انقلاباً في مفاهيم الناس و تصوراتهم و سلوكهم ، وصحح أخطاءهم في ضوء الإسلام و هديه بالدعوة السامية إلى الله تعالى ودينه ، وبالأخلاق الإسلامية ، و بالسياسة و الحكم السديد و إصلاح ميزان الاقتصاد وشؤون الإدارة و المال ، فجعل طريق الحكم على النمط الراشدي بالشورى و نشر العدل والتزام المساواة ، وأصلح شؤون المال و الأرضيين على وفق المنهج الإسلامي(5).
الفصل الثاني نسبه -رضي الله عنه - للنسب و السلالة الأصيلة تأثير كبير في تكوين الرجال ، وأصالة النسب تنتج آثارها الناضجة الطيبة إذا استقامت على أمر الإسلام ونهجه ، فعمر بن الخطاب رضي الله عنه جد عمر بن عبد العزيز لأمه رضي الله عنهم ، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه هو الذي زوج ابنه عاصما من الفتاة الهلالية التي أبت غش اللبن في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وقد ورث عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عن جده ابن الخطاب كثيراً من شمائله من إيثار الحق ومناصرة العدل ، والعفة و الورع و التقوى والجرأة في الحق .
وأبوه هو عبد العزيز بن مروان رضي الله عنه والي مصر المتوفى في جمادى الأولى سنة 86 هـ و عمه الخليفة عبد الملك بن مروان رضي الله عنه أحد كبار فقهاء المدينة المتوفى في شوال سنة 86 هـ ، وجده من أبيه مروان بن الحكم رضي الله عنه (64 - 65هـ ) شيخ بني أمية وقريب عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.
وعمر بن عبد العزيز من أبناء عمومة الصحابي الجليل كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ( 41 - 60 هـ ) مؤسس الدولة الأموية و جدته أم أمه فتاة من بني هلال التي أبت غش اللبن في عهد عمر بن الخطاب ؛ لأن الله يراها ، وهي زوجة عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم ، وابنتها أم عاصم زوجة عبد العزيز بن مروان و أم عمر بن عبد العزيز هي أم عاصم رضي الله عنهم . فعمر بن عبد العزيز قبل استخلافه أمير و ابن أمير ، ومن سلالة الأتقياء الطاهرين ، فصار الدم الطاهر الكريم و الجوهر النقي الأصل الطيب متمثلاً كله في عمر(6) : ) ذرية بعضها من بعض ، والله سميع عليم ( (7).
وترجمته رضي الله عنه هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أبو حفص القرشي الأموي أمير المؤمنين (8) .
مولده _ رضي الله عنه _ رأى رجل في المنام ليلة ولد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أو ليلة ولي الخلافة أن مناديا بين السماء و الأرض ينادي : أتاكم اللين والدين و إظهار العمل الصالح في المصلين فنزل فكتب في الأرض ع.م.ر(9). ولد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه 63 هـ ، وهي السنة التي ماتت فيها ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم (10). ويقال : كان مولده في سنة 61 هـ ، وهي السنة التي قتل فيها الحسين بن علي رضي الله عنه بمصر ، وقيل سنة 63 هـ وقيل سنة 59 هـ ، فالله أعلم(11). ولد عمر بحلوان ، قرية في مصر ، و أبوه عبد العزيز بن مروان أمير عليها ، وأمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب ، وكان بوجه عمر شجه ، ضربته دابة في جبهته - وهو غلام - فجعل أبوه يمسح الدم عنه ويقول : إن كنت أشج بني أمية إنك لسعيد ، أخرجه بن عساكر .وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : من ولدي رجل بوجهه شجة يملأ الأرض عدلا ، فصدق ظن أبيه فيه ، فكان هو عمر بن عبد العزيزرضي الله عنه (12).
تربيته - رضي الله عنه - منذ نعومة أظفار عمر حرص والده عبد العزيز رضي الله عنهعلى أن ينشأ ولده على الصلاح والاستقامة فأختار له البيئة الخصبة التي سيترعرع فيها فكانت هي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يعيش بعض من بقي من الصحابة رضي الله عنهم.
عندما أراد عبد العزيز بن الحكم إخراج ابنه عمررضي الله عنه معه إلى مصر من الشام وهو حديث السن طلب عمر منه أن يرسله إلى المدينة رغبة في العلم والأدب ، فأرسله أبوه إلى المدينة ومعه الخدام ، فقعد مع مشايخ قريش و فقهائها فتأدب بآدابهم ، وتجنب شبابهم ومازال ذلك دأبه حتى أشتهر ذكره وذاع صيته (13).
كان عمر تابعياً جليلاً حيث قال فيه أحمد بن حنبل رضي الله عنه : ( لا أدرى قول أحد من التابعين حجة إلا قول عمر بن عبد العزيز ).
بكى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وهو غلام صغير فبلغ ذلك أمه فأرسلت إليه وسألته عن ما يبكيه فقال ذكرت الموت ، فبكت أمه ، هذه هي بوادر التقوى والخوف من الله عند عمر ، ثم إن عمر قد جمع القرآن الكريم وهو صغير ، وكان صالح بن كيسان رضي الله عنه يؤدبه حيث قال عنه : ما خبرت أحدا الله أعظم في صدر من هذا الغلام وحدث أن عمر قد تأخر عن صلاة الجماعة يوماً ، فقال له صالح بن كيسان : ما شغلك ؟ فقال : كانت مرجلتي تسكن شعري ، فقال له : قدمت ذلك على الصلاة ؟ فكتب إلى أبيه وهو والي على مصر يعلمه بذلك ، فبعث أبوه إليه رسولاً فلم يكلمه حتى حلق رأسه (14).
وكان قبل الخلافة على قدم الصلاح أيضا ، إلا أنه كان يبالغ في التنعم ، فكان الذين يعيبونه من حساده لا يعيبونه إلا في الإفراط في التنعم والاختيال في المشية (15).
ولكن هذا تغير عند توليه ولاية المدينة ثم ظهر ذلك جليا عند توليه أمانة الخلافة على بلاد المسلمين .
زواجه مات والد عمر بن عبد العزيز فأخذه عمه أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان وجعله كمنزلة أبنائه حتى زوجه بابنته فاطمة التي قال فيها الشاعر : بنت الخليفة والخليفة جدها أخت الخلائف والخليفة زوجها حيث لا يعرف امرأةٌ بهذه الصفة إلى يومنا هذا سواها(16). ، ولفاطمة ابنة عبد الملك مواقف رائعة مع زوجها عمر بن عبد العزيز فهي مثال للمرأة المسلمة والزوجة الصالحة وقدوة مضيئة لمن أراد أن يقتدي بسيدة فاضلة (17). | |
|