كنت ذات يوم أكتب بحثاً في أحد المسائل الفقهية المعاصرة في مكتبتي الخاصة , وبينما كنت منهمكاً في القراءة , اضطررت إلىالرجوع إلى أحد كتب العلماء من السلف ولم يكن موجوداً عندي فتوجهت مسرعاً إلى المكتبة المركزية بجامعتنا العامرة فدخلت قاعة المصادر العربية بالطابق الأرضي وغصت في أعماقها بين الأعمدة والرفوف بحثاً عن ضالتي إلى أ وجدت بغيتي فإذا بي أجد الجزء الرابع من الكتاب فبحثت عن الأجزاء الأخرى فلم أجد شيئاً , فقلت في نفسي لعل أحداً أخذ بقية هذه الأجزاء ولم يعدها إلى مكانها فبحثت بين الأدراج التي يجلس عليها القراء فلم أجد شيئاً , فوقع في نفسي أن أحداً استعار هذا الكتاب بأكمله وأبقى لي هذا الجزء , فخرجت من القاعة وأنا أفكر في كيفية الحصول على هذا الكتاب بطريقة أخرى إما باستعارته من صديق أو اقتراض مبلغ من المال لشرائه , فصعدت للدور العلوي لأمتع ناظري بتلك الحدائق الغناء وأنهارها الرقراقه وحتى لا أخرج وأنا لم أرتشف من معينها شيئاً - فبئس الرجل يدرك الخير ولا يغتنمه - فبينما أنا سائر في تلك الرياض العطرة حائر الفكر في جمال تلك الأزهار النضرة اقتطفت زهرة لاشتمها إذا بي ألمح اسم ذلك الكتاب على أحد الرفوف في الدور العلوي فقلبت النظر فيه فإذا هو بعينه هو ما أريده , فسألت نفسي لماذا وضع أحد الأجزاء في الدور السفلي والآخر في العلوي , أهذه عقوبة للطالب أم للكتاب نفسه بأن فرق بينه وبين أصحابه أصارت عقوبة النفي مطبقة حتى على الجمادات ولكن وا أسفاه على هذه المؤلفات وأصحابها , فهل من أحد يعرف لهذه الكتب قيمتها , وأضعف الإيمان أن يجمع شملها ببعضها , فأين من يقول أنا لها .